تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48972 مشاهدة
محظورات الإحرام

يجتنب المسلم في إحرامه ما نُهي عنه في قول الله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ (سورة البقرة ، الآية:197) فهذه أمور نهى الله تعالى عنها، فمن أحرم سواء بحج أو عمرة فإنه يتجنب الرفث، الذي هو الكلام السيئ، وخصوصا ما يتعلق بالعورات أو ما يتعلق بالنساء ، بصون لسانه، فإذا لم يشغله بذكر الله سبحانه وتعالى، وبتلبيته، فلا يشغله بهذا الكلام الدنيء، وبالرفث في القول ووسخ الكلام ! بل عليه أن يستبدل ذلك بما ينفعه ، ويتجنب ما يضره.

هذا هو الأصل في سبب شرعية هذا الإحرام، وذلك لأن المحرم يتذكر في ليله ونهاره أنه في هذه العبادة، فتذكُّرُه يحمله على أن يحمي لسانه، فلا يتكلم إلا بخير، فيتجنب السبَّ والقذف، والشتم، واللعن، والغيبة، والنميمة، ويتجنب الجدال الذي نهى الله عنه، والمخاصمة بغير حق، وشدة الاحتكاك بغير موجب.
وعليه أيضا أن يتجنب الفسوق التي هي المعاصي ، صغيرها وكبيرها، فكل معصية ؛ سواء كانت بالعين كنظرة إلى عورة، أو سماع لكلام سيئ ، أو لغناء أو نحوه، أو كانت معصية بيد، أو برجل، أو بقلب، كمن يهم بمعصية بقلبه، كل ذلك من الفسوق الذي نهى الله عنه بقوله: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ (سورة البقرة ، الآية:197) .
فإذا تجنب الحاجُّ مثل هذه الأمور في إحرامه، رُجي أن تبقى عليه آثاره بعد تحلله، وذلك لأن للعبادات آثارا تبقى بقية الحياة، ومن لم تبق عليه تلك الآثار فإنه حري بأن لا ينتفع بأعماله ويرجع إلى عمل السيئات.
كذلك إذا عرف العبد أنه في حال إحرامه في هذه العبادة منهيٌّ عن المعاصي ونحوها، عرف أنه مأمور بالطاعات، ومن الطاعات: الإكثار من الدعاء، والإكثار من ذكر الله تعالى، ولهذا يأمر الله بذكره في أيام المواسم كما في قوله تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (سورة البقرة ، الآية:203) يعني أيام التشريق ، وكذلك قوله : فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا (سورة البقرة ، الآية:200) .

بمعنى كما أنكم منهيون عن الغفلة في وقت أداء النسك، فلا تغفلوا بعد الانتهاء من النسك أيضا؛ بل أكثروا من ذكر الله بعد قضاء المناسك ، وأعمال المشاعر، ونحوها.
وهكذا أمر سبحانه وتعالى بذكره في مزدلفة فقال: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (سورة البقرة ، الآية:198)
فهذا ونحوه دليل على أن المحرم يكثر من ذكر الله تعالى في جميع حالاته ، وأن يبقى أثر الذكر معه.